قصبة مهدية
توجد قصبة مهدية على الضفة اليسرى لنهر سبو، على بعد 8 كيلومترات غرب القنيطرة. ودُشنت القصبة فوق تل مرتفع يبلغ علوه 70 مترا ويُطل على المحيط الأطلسي والسهل الساحلي في مكان قريب من مصب الوادي.
جعل الموقع الاستراتيجي لقصبة المهدية منها صرحا شاهدا على تعاقب المحتلين عبر التاريخ بالرغم من أن أصل القصبة لازال مجهولا. واعتبرها بعض المؤرخون تيمياطريا، وهي محطة تجارية تابعة لحضارة قرطاج خلال القرن الخامس قبل الميلاد. وأثناء الاحتلال الرماني، عُرفت المدينة باسم Subur.
وذكر الجغرافيّ المغربيّ الإدريسي سنة 1154م وجود مدينة بالقرب من مصب نهر سبو عُرفت آنذاك باسم المعمورة. واعتقد المؤرخ الزياني بأن بنو يفرن، قبائل الأمازيغ حكموا جزء مهما من المملكة في القرن العاشر، قاموا بتشييد مدينة المهدية.
وخلال القرن الثاني عشر، عاد اسم المعمورة للتداول أثناء حكم الموحدين. وتحدث الإفريقي جان-ليون في كتابه "وصف إفريقيا"، عن مدينة صغيرة تسمى مهمورة – المعمورة بناها الموحدون قرب مصب نهر سبو. وأقام بها السلطان الموحدي عبد المومن مصنعا لبناء السفن في القرن الثاني عشر، لتصبح بذلك المدينة مركزا تجاريا مزدهرا نتيجة للتبادلات التجارية بين الأوربيين والمغاربة. إلا أن المدينة دُمرت أثناء الحرب التي دارت رحاها بين السعيد وملك المرينين أبو سعيد عثمان.
وفي سنة 1515م، اجتاح البرتغاليون المدينة وأنشئوا مكانها سان جاو دا معمورة (بالبرتغالية: San Jao Da Mamora ). وفي سنة 1614م، استولى الاسبان على المهدية وأطلقوا عليها اسم "سان ميغيل دي أولطرامار" (بالإسبانية: San Miguel de Ultramar)، ودام الاستعمار الاسباني مدة 67 سنة.
وتم تحرير المدينة سنة 1681م وأطلق عليها السلطان العلوي مولاي اسماعيل اسم المهدية. وربما سميت كذلك بسبب كنوزها المهمة التي هجرها الإسبان، أو ربما لأن استرجاع المدينة لم يكلف أدنى مجهود.
تمتد القصبة على مسافة 40 هكتارا تقريبا، ويحيط بها سور ضخم ذو بابين، وقد امتزجت فيها العمارة الإسبانية والعمارة الإسلامية على حد سواء. ويمكن أن ينسب مظهرها الدفاعي إما لمرحلة الاحتلال البرتغالي أو الإسباني. وفي عهد السلطان المولى إسماعيل تم تعزيز أسوار الواجهة الجنوبية الشرقية بمعاقل محصنة وخنادق عميقة، مع الحفاظ على الأبراج الثلاثة الموجودة بالواجهتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية. إضافة إلى ذلك، زُود السور بباب ضخم من الحجر المنحوت سُمي بـ" الباب الجديد" لتمييزه عن الباب الذي أنشأه الإسبان والمسمى "باب سلا". وتتمايز العديد من الآثار داخل القصبة ضمنها دار الحاكم القيد الريفي التي شيّدت في القرن السابع عشر ميلادي وفقا للطراز التقليدي للمنازل ذات العمارة الإسلامية. إضافة إلى حمام خاص من النوع الإسلامي- الإسباني، وصهاريج، وسجن، ومسجد، ومنازل صغيرة، ومحلات تجارية وفنادق.
وتم تحديد الموقع سنة 1916 بمقتضى ظهير 2 مارس 1916 (الجريدة الرسمية عدد 176 بتاريخ 6 مارس 1916، ص: 269).